طيور الجنة عضو متفاعل
الجنس : تاريخ التسجيل : 16/09/2010 عدد المشاركات : 20
| موضوع: اللمة .... الخميس سبتمبر 16, 2010 11:15 am | |
| > ..... قبل إنقطاع التيار الكهربائي كانت " الأم " تجلس في ركنها المعتاد > وأمامها الشاي ( وعدة الشاي ) .. > و فوق الطاولة الخشبية المستديرة أطباق الخبز المقطع والكعك والكاكوية . > في هذا الركن تفوح رائحة الخميرة والكمون > و رائحة الكاكوية المحمصة المتماوجة بألوان الذهب .. > > في هذا الركن ترتسم صورة " الأم " الذائبة بألوان الأصالة والتقاليد . > بين يديها إبرايق الشاي ، وفي فمها أمثال وحكم > وفي ذاكرتها حكايا الأطفال المتوارثة عن الأمهات والجدات > نادت " الأم " البنات والأولاد بأسمائهم .. [ لكن .. ] > أحداً لم يستجيب لـ ندائها .. > الكل مشغول بهواياته وواجباته المدرسية وعوالمه .. ، > وضعت " الأم " يدها على خدها .. > وعادت بها الذاكرة إلى أيام كانوا صغاراً يتوسدون ركبتها > وينامون على صدرها ويتحلقون حولها عند تناول الوجبات > واليوم لا أحد يكثرت في أن يشاطرها هذه [الجلسة الطيبة ] > التي انقرضت عند الكثير من العائلات .. > > الإبن الأكبر يقابل الحاسوب وكأنه في حالة معركة مع الدنيا .. > البنات منشغلات بأحداث الحلقة الأخيرة من المسلسل العربي المشهور .. > الصغير منسجم مع ألعابه الإلكترونية الحديثة .. > الأب ينتظر مكالمات ستأتيه من أصحابه المهمين .. > > أعادت " الأم " نداءها أكثر من مرة إلى أن تلبسها اليأس والملل > لا أحد يُقدر مدى تعبها طوال اليوم .. > لا أحد يدري مدى حاجتها للحوار مع أسرتها .. > > إنقطع التيار الكهربائي [ فجأة ] .. > وقرقعت الأجهزة الكهربائية معلنة حالة توقفها .. > ساد الظلام .. وساد الصمت والترقب .. > جاء " الأب " حاملاً شمعة أنارت المكان .. ، > في هذه اللحظة جميعهم أقبلوا وألتفوا حول " الأم " > تركوا خلفهم الظلمة والأجهزة الساكنة وأصبحت هذه الشمعة محور إهتمامهم .. > > إمتدت أصابعهم لالتقاط قطع الخبز المعجون بالكمون > انفتحت أكفهم للإمساك بحبات الكاكاوية .. > > على ضوء الشمعة أقترب الأبن الأكبر من والده > وشرح له باستفاضة كل المشاكل التي يعانيها في عمله الجديد ..، > الأبنة الكبيرة حدثت والدها عن مشروع تخرجها ..، > الصغار شاركوا وقالوا كلاماً كثيراً ..، > > [ أنتبـه ] الأبن الأكبر إلى أن " أمه " لم تأكل أي شيء .. > وعندما سألها أجابت أن أسنانها ماعادت صالحة والفك به بعض الالتهابات .. > > للمرة الأولى يعلم البن الأكبر أن " أمه " تعاني من مشكلة ما .. > إقترب وأمسك بيدها والقليل من تأنيب الضمير دعاه > لأن يسألها منذ متى وهي تعاني من هذه الآلام .. ؟ > > وكان هذا السؤال بحد ذاته كافياً لأن يجعلها تستريح .. ! > بدأت الشمعة تذوب والحوار لا زال على أشده .. > > مضى الوالد .. ربما لـ يأتي بشمعة أخرى . > إلا أن التيار الكهربائي سرعان ما عاد ..، > وسرعان ما عاد كل واحد إلى جهازه . > وبقى على " الأم " أن تستشعر استمتاعها بهذه [ اللمـة ] > التي باتت تفتقدها مع الأيام .. > الأسرة عاشت تقاربها الذي حققه هروب التيار .. كما يعتقد الجميع .. > ولا أحد يعلم أن الوالد هو الذي أطفأ التيار وهو الذي أعاده .. > >
| |
|