السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
طبيعة بيت النبوة
كان بيت النبوّة يمثّل البساطة في جمالها وعلوها والزهد في قمّته والاكتفاء بالقليل وعدم التكلّف مع القدرة والإمكان على الدنيا لو أرادها طبيعة بيت النبوة.
.
فهذه أم المؤمنين عائشة طبيعة بيت النبوةا تصف عيش النبي طبيعة بيت النبوة قائلة: (( مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ طبيعة بيت النبوة مُنْذُ قَدِمَ الْمَدِينَةَ مِنْ طَعَامِ بُرٍّ ثَلاثَ لَيَالٍ تِبَاعًا حَتَّى قُبِضَ ))(1).
روى البخاري عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ لِعُرْوَةَ: (( ابْنَ أُخْتِي، إِنْ كُنَّا لَنَنْظُرُ إِلَى الْهِلالِ ثَلاثَةَ أَهِلَّةٍ فِي شَهْرَيْنِ وَمَا أُوقِدَتْ فِي أَبْيَاتِ رَسُولِ الله طبيعة بيت النبوة نَارٌ فَقُلْتُ: مَا كَانَ يُعِيشُكُمْ قَالَتْ: الأَسْوَدَانِ التَّمْرُ وَالْمَاءُ إِلا أَنَّهُ قَدْ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ طبيعة بيت النبوة جِيرَانٌ مِنَ الْأَنْصَارِ كَانَ لَهُمْ مَنَائِحُ وَكَانُوا يَمْنَحُونَ رَسُولَ اللَّهِ طبيعة بيت النبوة مِنْ أَبْيَاتِهِمْ فَيَسْقِينَاهُ )).
وصف لنا خادمه أنس بن مالك عيش النبي وما فيه من القلّة فيقول: (( إِنَّهُ مَشَى إِلَى رسول الله طبيعة بيت النبوة بِخُبْزِ شَعِيرٍ وَإِهَالَةٍ سَنِخَةٍ وَلَقَدْ رَهَنَ النَّبِيُّ طبيعة بيت النبوة دِرْعًا لَهُ بِالْمَدِينَةِ عِنْدَ يَهُودِيٍّ وَأَخَذَ مِنْهُ شَعِيرًا لِأَهْلِهِ وَلَقَدْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: مَا أَمْسَى عِنْدَ آلِ مُحَمَّدٍ طبيعة بيت النبوة صَاعُ بُرٍّ وَلا صَاعُ حَبٍّ وَإِنَّ عِنْدَهُ لَتِسْعَ نِسْوَةٍ ))(2).
بل إنه ليخرجه الجوع من بيته أحياناً كما يروي لنا مسلم عن أبي هريرة قال: (( خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ طبيعة بيت النبوة ذَاتَ يَوْمٍ أَوْ لَيْلَةٍ فَإِذَا هُوَ بِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فَقَالَ: مَا أَخْرَجَكُمَا مِنْ بُيُوتِكُمَا هَذِهِ السَّاعَةَ قَالا: الْجُوعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: وَأَنَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لأَخْرَجَنِي الَّذِي أَخْرَجَكُمَا، قُومُوا فَقَامُوا مَعَهُ فَأَتَى رَجُلاً مِنَ الْأَنْصَارِ فَإِذَا هُوَ لَيْسَ فِي بَيْتِهِ فَلَمَّا رَأَتْهُ الْمَرْأَةُ قَالَتْ: مَرْحَبًا وَأَهْلاً فَقَالَ لَهَا رَسُولُ طبيعة بيت النبوة: أَيْنَ فُلانٌ قَالَتْ: ذَهَبَ يَسْتَعْذِبُ لَنَا مِنَ الْمَاءِ إِذْ جَاءَ الْأَنْصَارِيُّ فَنَظَرَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ طبيعة بيت النبوة وَصَاحِبَيْهِ ثُمَّ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ مَا أَحَدٌ الْيَوْمَ أَكْرَمَ أَضْيَافًا مِنِّي قَالَ: فَانْطَلَقَ فَجَاءَهُمْ بِعِذْقٍ فِيهِ بُسْرٌ وَتَمْرٌ وَرُطَبٌ فَقَالَ: كُلُوا مِنْ هَذِهِ وَأَخَذَ الْمُدْيَةَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ طبيعة بيت النبوة: إِيَّاكَ وَالْحَلُوبَ فَذَبَحَ لَهُمْ فَأَكَلُوا مِنَ الشَّاةِ وَمِنْ ذَلِكَ الْعِذْقِ وَشَرِبُوا فَلَمَّا أَنْ شَبِعُوا وَرَوُوا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ طبيعة بيت النبوة: لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتُسْأَلُنَّ عَنْ هَذَا النَّعِيمِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمُ الْجُوعُ ثُمَّ لَمْ تَرْجِعُوا حَتَّى أَصَابَكُمْ هَذَا النَّعِيمُ )).
وأما فراشه وأثاثه فتقول عنه عائشة: (( كَانَ فِرَاشُ رسول الله طبيعة بيت النبوة مِنْ أَدَمٍ وَحَشْوُهُ مِنْ لِيفٍ ))(3).
وصف لنا عمر فراش النبي طبيعة بيت النبوة وأثاثه فقال: (( دَخَلْتُ عَلَيْهِ طبيعة بيت النبوة فَإِذَا هُوَ مُضْطَجِعٌ عَلَى رِمَالِ حَصِيرٍ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فِرَاشٌ قَدْ أَثَّرَ الرِّمَالُ بِجَنْبِهِ مُتَّكِئٌ عَلَى وِسَادَةٍ مِنْ أَدَمٍ حَشْوُهَا لِيفٌ فَسَلَّمْتُ... ثُمَّ رَفَعْتُ بَصَرِي فِي بَيْتِهِ فَوَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ فِيهِ شَيْئًا يَرُدُّ الْبَصَرَ غَيْرَ أَهَبَةٍ ثَلاثَةٍ فَقُلْتُ: ادْعُ اللَّهَ فَلْيُوَسِّعْ عَلَى أُمَّتِكَ فَإِنَّ فَارِسَ وَالرُّومَ وُسِّعَ عَلَيْهِمْ وَأُعْطُوا الدُّنْيَا وَهُمْ لا يَعْبُدُونَ اللَّهَ وَكَانَ مُتَّكِئًا فَقَالَ: أَوَفِي شَكٍّ أَنْتَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ أُولَئِكَ قَوْمٌ عُجِّلَتْ لَهُمْ طَيِّبَاتُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اسْتَغْفِرْ لِي.. ))(4).
هذا مع كرمه وجوده وسخائه حتى كان أجود بالخير من الريح المرسلة، ولو كان عنده خزائن الأرض لجاد بها في ليلة يقول أبوذر: (( كُنْتُ أَمْشِي مَعَ النَّبِيِّ طبيعة بيت النبوة فِي حَرَّةِ الْمَدِينَةِ عِشَاءً اسْتَقْبَلَنَا أُحُدٌ فَقَالَ: يَا أَبَا ذَرٍّ مَا أُحِبُّ أَنَّ أُحُدًا لِي ذَهَبًا يَأْتِي عَلَيَّ لَيْلَةٌ أَوْ ثَلاثٌ عِنْدِي مِنْهُ دِينَارٌ إِلا أَرْصُدُهُ لِدَيْنٍ إِلا أَنْ أَقُولَ بِهِ فِي عِبَادِ اللَّهِ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا وَأَرَانَا بِيَدِهِ ))(5).
(1) رواه البخاري.
(2) رواه البخاري.
(3) رواه البخاري.
(4) رواه البخاري.
(5) رواه البخاري.
طبيعة بيت النبوة